السبت، 6 مارس 2010

ألا شيء من السّهر ، شيء من الحمّى

مشكلة السّياق 

ما الزّمان و المكان إلا مفهوم محدوديّة التواجد البشري فيهما ، مالذي يجعلنا نميّز الزمان أو المكان إلا كوننا نعيش كلاً منهما بانفصال ،
إلا كوننا نعيش في ظلالهما نقطة مغلقة لا نتواجد إلا فيها و فيها فقط !

و ماذا نملك أمام هذه الفيزياء الصارمة
و الأقصى و غزّة و بغداد- نقاط زمكانيّة أخرى - !

كلّنا يسجّل عجزاً عن خروجه من كلّ سياقاته الحاضرة للتوحّد مع بقيّة الجسد الذي يشتكي .
ببساطة لا نستطيع !

و أتساءل حقيقة ما السهر و ما الحمّى في حقّ أقصانا في ظل الظروف التي تحياها ؟

دائماً ما نقول : لو كان همّنا الأقصى ، لو كان همّنا المسلمين ، لو كان همّنا الإسلام !
لكنّ إشكاليّة الهم لدينا ليست إنعدامه أي ليست تخلٍّ عن القيمة أو استسلام ، إنّما هي إشكاليّة عدم حضور
الهمّ موجود (طبعاً) وغيابه مسألة - فيزيائية - إن صحت التسمية أعني منّ الطبيعي أنّ نحيا الهمّ والقصّة المحيطة بنا ، وننسى ما هو بعيد

قصر مدى الوعي الشعوري طبيعي لدى البشر ، و محاولة التجاوز هذه صراع داخلي أزلي . تجاوز الحاضر ، القريب ، السطحي ، إلى الغائب الأبعد ، الأعمق ، الأهم ، الأكثر قيمة
ولعلّ تحدّي الدنيا و بلاء الإحسان يتعلّق أساساً بمدى مقدرتنا على تجاوز الزمان والمكان ، تجاوز سياق الدّنيا إلى ما هو أكثر قيمة في الآخرة

مشكلة الوجود الاجتماعي 

و ربّما تسبق مشكلة المسافة مشكلة أخرى أكثر أهميّة .. فساحة الصّراع أساساً ليست صحيحة برأيي
لا ينبغي أن أكون أنا - البعيد - و أخي هو - القريب - ثمّ يبقى علي أن أصارع بُعدي و قصور مداي الشعوري !

ينبغي أن أكون أنا ذلك الأخ أصلاً !

دعوني أتطرق لمفهوم الوجود الاجتماعي
أنا أعتقد أنّ وجود الإنسان يتحدّد باعتبارين منسجمين

اعتباره وجوده كفرد ، كشخص
و اعتبار وجوده كجزء من جماعة ، كعضو في مجتمع

و أحد أهمّ المشاكل التي نواجهها ، هي ضعف وعينا للوجود الاجتماعي
و عينا لما يقتضيه كوننا جزء من جماعة معينة ، وعينا لكون الجماعة هي ذاتي وشخصي - بشكل من الأشكال -

وهذا يتجلّى كثيراً في - سلوكنا و أخطاءنا -
بدءاً من الفساد الإداري ، وانتهاءً بإلقاء المناديل و العلك الممضوغ في الشارع بلا مبالاة !

فوعينا الحقيقي لكوننا جزء من - الجماعة المؤمنة -
لعلّه يجاوز بنا إشكالية السياق ، إشكالية استمرار كوني أنا البعيد، إلى كوني الأمة - لأنني جزء منها - و بالتالي إلى تواجد قريب وحاضر دائماً .

يتبع ..

1 تعليقات:

آخَر يقول...

نقطة الوعي للوجود الاجتماعي جميلة وذات بعد استراتيجي وقد ساهم في تفاقم المشكلة مشاكلنا / مآسينا السياسية والتي تقوقعنا مرة بعد أخرى في أطر ضيقة تحت مسميات عدة..
يحدث أن "مؤمناً"يقوم بكل ما يستطيعه تجاه القضية ولا ينفك يجلد ذاته ويذكر أنه لا يستطيع أن يكون معنا..
حين نشاهد ونسمع ما يحدث في الأقصى كما أنتم لا نشعر أبداً بمثل هذا
فنحن نقوم بما ينبغي علينا فعله ضمن سياقنا الزمكاني ـ حسب اصطلاحك ^ ^
هذا العجز الذي تحدثت عن ينبغي أن يوضع في إطار"شعوري" دافع للأداء لا العكس.

=)