الاثنين، 11 يوليو 2011

البلاد (1) - مدنية الكتابة الصحفية

البلاد (1) - مدنية الكتابة الصحفية

تقدّم أعمدة الرّأي في الوسط الصحافي مساحة يوميّة للاجتماع الثقافي و المدني , بنية حيّة للتعبير عن الذات الاجتماعية , وجود ثقافي يتحرّك بمحاذاة التاريخ في خطاه اليوميّة , العمود الصّحفي حالة متوسّطة للنشر بين الشعبي و النّخبوي إن صحّت التثنية , صوت مُمكّن من الارتفاع النّسبي عن الضجيج الذي يعمّ الفضاء المجتمعي مع بقاء اتّصاله العضوي بالموضوع و القضيّة الحية , هذا النوع من التعبير الاجتماعي عن الذات يتكثّف في فضائنا الثقافي في ما يشبه (مجتمع الأعمدة الصحفيّة ) , يفترض أن يمارس فيه المثقّف اجتماعاً حقيقيّا ذي طبيعة فعّالة ومريحة في التعبيروالنّشر.الحديث النّظري عن مجتمع الأعمدة يتفرّع إلى حديث عن الكثير من الإشكاليّات حين يصل إلى حدوده المحليّة , أعني مجتمع الأعمدة الصحفية السعودية, و أنا مهتم هنا بالحديث عن الإشكاليات المدنيّة في هذا الوسط الاجتماعي الخاص .ابتداءً هناك إشكاليّة الحقّ , حقّ الكتابة , حقّ التعبير عن الذات في المنشور الصحفي . هذا الحقّ ملك لكلّ من يملك شيئاً يريد أن يقوله للنّاس . كلّ صاحب صوت أخلاقي و عقلاني يملك حقّ التمثيل صحفيّاً , يملك الحقّ في التواجد بصوته في مجتمع الأعمدة الصحفيّة , يجادل الآراء و الأصوات بشكل معرفي و عقلاني . هذه المسألة معقّدة بعض الشيء محلّياً , هناك الكثير مما يحول دون تعميم هذا الحقّ بصفة عادلة , لكنّ يبقى واجب الكاتبّ أو (المواطن الصحفي) أن لا يكون هو بسلوكه و كتاباته ضدّاً أو عدوّاً لهذا الحقّ الأساسي في النّشر .إشكاليّة أخرى هي مدنيّة الاختلاف , الحالة الطبيعية للاختلاف تحدّد مدنيّاً بعدم التّعدي و التزام أخلاق الاجتماع و المعرفة و التعريف التعدّدي للذات و الآخر و الانضواء تحت الكلّيات الوطنية التي تعرّف توجه الجماعة نحو مصالحها المشتركة . الوسط الصحافي المحلّي الذي أصبح ساحة تتبلور فيه اختلافاتنا الثقافيّة في صراعات حادّة بحاجة إلى تكريس القيم و المفاهيم المدنيّة في ممارسة الاختلاف . التّضاد لا يكون بنّاءً يجادل فيه الرأي الرأي الآخر إلا في فضاء قيمي مفاهيمي مشبّع بمبادئ الاجتماع المدني .إنّ الطبيعة الإعلامية للنشر الصحافي تربط بشكل أساسي بين تطوره في سلّم المدنية و الحداثة و بين تطوّر المجتمع و من هنا كانت الحاجة إلى بيئة صحافية صحيّة و خلاقة ,غير أنّ الصحافة تستمدّ الكثير من قيمتها في المشهد الثقافي من موقعها التاريخي كأداة نشر رئيسيّة , هذا الارتباط بين قيمة الصّحافة و التاريخ يضع الصحافة أمام منعطف حقيقي في اللحظة التاريخية الحديثة,فإمّا أن تنجح الصحافة في تقديم نفسها كوسط نشر قادر على قيادة المجتمع نحو التحديث و التمدّن و الإصلاح, أو أنّها ستضطَر إلى إخلاء مكانها للإعلام الجديد الذي يعدّ مرشّحاً فوق العادة لمهمّة كهذه . ليس هناك تعارض حقيقي بين الوسيلتين الإعلاميّتين إلا إذا أصرّت الصحافة أن تكون عائقاً في طريق التقدّم نحو المدنية و الإصلاح .


http://www.albiladdaily.net/?p=38

0 تعليقات: